معدل الأيض الأساسي (BMR) ربما لم يخطر ببالك إلّا عندما بدأت تهتم بإدارة وزنك أو فكّرت في تحسين لياقتك البدنية .. أليس كذلك؟! يُعدّ هذا المعدل مهماً جداً لمعرفة كمّية السعرات الحرارية التي يحتاجها جسمك ليعمل بشكل طبيعي حتّى وأنت في حالة راحة تامة، ولكن كيفَ يتمّّ احتسابه؟ وماهي الفوائد التي يمكن أن تحصل عليها من معرفة هذا الرقم؟ دعنا نتعرّف على كل ذلك في فقراتنا التالية …
معنى معدل الأيض الأساسي (BMR)
معدل الأيض الأساسي (Basal Metabolic Rate - BMR) هو مقياس يُستخدم في المجال الطبّي لتحديد كمية الطاقة التي يحتاجها الجسم لأداء وظائفه الأساسية أثناء الراحة! يُساعد BMR في تحديد استهلاك السعرات الحرارية اللازمة لدعم العمليات الحيوية في الجسم مثل التنفس، الدورة الدموية، والحفاظ على درجة حرارة الجسم.
على الرّغم من أنّ معدل الأيض الأساسي (BMR) يُعدّ أداةً شائعةً لاحتساب الاحتياجات الأساسية من السعرات؛ إلا أنّ هناك عوامل عديدة تؤثّر عليه، كالعمر، الوزن، والطول، وهذا يعني أنّه قد لا يكون دقيقاً تماماً للجميع، الحل طبعاً يأتي مع استشارة أطباء التغذية لضمان أفضل خطة تغذية شخصية تتناسب مع احتياجاتك الخاصة.
كيفية حساب معدل الأيض الأساسي؟
باختصار يعتمد احتساب معدل الأيض الأساسي (BMR) باستخدام معادلات تأخذ في الاعتبار الوزن، الطول، العمر، والجنس، وهي عوامل تؤثر على استهلاك الجسم للطاقة أثناء الراحة، وتُستخدم هذه القيمة لتحديد احتياجات الجسم الأساسية من السعرات الحرارية للحفاظ على الوظائف الحيوية دون أي نشاط إضافي .. من أبرز هذه المعادلات:
معادلة هاريس-بنديكت (الإصدار المعدل)
لقد تمّ تطوير معادلة هاريس-بنديكت في عام 1919، ثم تمّ تعديلها في عام 1984 لتحسين دقتها في حساب BMR وإليك التفاصيل بالنسبة للجنسين.
- للرجال:
- معدل الأيض الأساسي=88.362+(13.397×الوزن بالكيلوجرام)+(4.799×الطول بالسنتيمتر)−(5.677×العمر بالسنوات)
- للنساء:
- معدل الأيض الأساسي=447.593+(9.247×الوزن بالكيلوجرام)+(3.098×الطول بالسنتيمتر)−(4.330×العمر بالسنوات)
مثال: إذا كانت امرأة تزن 65 كجم، وطولها 165 سم، وعمرها 30 سنة:
معدل الأيض الأساسي=447.593+(9.247×65)+(3.098×165)−(4.330×30)=1,429 سعرة حرارية/يوم
معادلة ميفلين-سانت جيور
تم تطوير معادلة ميفلين-سانت جيور في عام 1990، وهي أكثر دقّة في حساب BMR مقارنةً بمعادلة هاريس-بنديكت المعدلة.
- للرجال:
- معدل الأيض الأساسي=(10×الوزن بالكيلوجرام)+(6.25×الطول بالسنتيمتر)−(5×العمر بالسنوات)+5
- للنساء:
- معدل الأيض الأساسي=(10×الوزن بالكيلوجرام)+(6.25×الطول بالسنتيمتر)−(5×العمر بالسنوات)−161
مثال: إذا كان رجل يزن 75 كجم، وطوله 180 سم، وعمره 35 سنة:
معدل الأيض الأساسي=(10×75)+(6.25×180)−(5×35)+5=1,748 سعرة حرارية/يوم
العوامل المؤثرة على معدل الأيض الأساسي BMR
معدل الأيض الأساسي (BMR) يتأثّر بعديدٍ من العوامل التي تحدّد كمّية الطاقة التي يحتاجها الجسم أثناء الراحة، هذه العوامل تختلف من شخص لآخر، وتلعبُ دوراً حاسماً في تحديد مستوى الحرق اليومي الأساسي، والنتيجة طبعاً التأثير على إدارة الوزن وتحديد احتياجات الجسم من السعرات الحرارية.
إنّ معرفة العوامل المؤثرة على BMR تساعد في فهم كيفية تخصيص الحمية الغذائية أو التمارين لتحقيق أهداف اللياقة بالعموم، فـ التغيّرات التي تحدث مع التقدم في العمر، والجنس، والوزن، وحتى التركيبة الوراثية؛ جميعها تساهم في تحديد كمية السعرات الضرورية لدعم الوظائف الحيوية في الجسم .. دعنا نتعرّف على هذه العوامل بالتّفصيل:
1. العمر
هل تعلم أنّه مع التقدم في العمر يُلاحظ انخفاضٌ تدريجي في معدل الأيض الأساسي (BMR)! يُعزى ذلك إلى فقدان الكتلة العضلية وزيادة نسبة الدهون في الجسم، وبالتّالي النتيجة هي ضعف الحصول على احتياجات الجسم من الطاقة أثناء الراحة، وتشير الدراسات إلى أن BMR قد ينخفض بنسبة تتراوح بين 1% إلى 2% كل عشر سنوات بعد سن العشرين.
هذا الانخفاض في BMR يجعلُ من الصعب الحفاظ على الوزن مع التقدم في العمر، لأنّ الجسم يحتاج إلى سعرات حرارية أقل، لذلك من المهم تعديل النظام الغذائي وزيادة النشاط البدني لتعويض هذا التراجع في معدل الأيض، وبذلك تساعد في الحفاظ على وزن صحيّ مع تقليل مخاطر الأمراض المرتبطة بالعمر والشائعة جداً حالياً.
2. الجنس
يؤثّر الجنس بشكلٍ ملحوظ على معدل الأيض الأساسي (BMR)، عادةً ما يكون لدى الرجال معدّل أيض أساسي أعلى مقارنةً بالنساء، ويُعزى ذلك إلى امتلاكهم كتلة عضلية أكبر، ونسبة دهون أقل من جهةٍ أخرى، حيث تستهلك العضلات طاقة أكثر من الدهون حتى في حالة الراحة، وهذا بالتحديد ما يرفع من BMR لدى الرجال.
أيضاً .. تلعب الهرمونات الجنسية دوراً في هذا الاختلاف، أبرزها هرمون التستوستيرون، الذي يكون بمستويات أعلى لدى الرجال، والذي يعزّز بناء العضلات وزيادة الكتلة العضلية، ويساهم في رفع معدل الأيض الأساسي، في المقابل .. قد يؤدي انخفاض مستويات هرمون الإستروجين لدى النساء، خاصةً بعد انقطاع الطمث إلى تقليل الكتلة العضلية وزيادة نسبة الدهون، وذلك للأسف يؤثر سلباً على BMR.
3. الوزن والطول
بالتأكيد يؤثّر كلاً من الوزن والطول مباشرةً على معدل الأيض الأساسي (BMR)، الأشخاص ذوو الأوزان والطول الأكبر يمتلكون معدلات أيض أساسي أعلى؛ لأنّ أجسامهم تحتاج إلى طاقة أكبر للحفاظ على وظائفها الحيوية، هذا يعني أنّ زيادة الوزن والطّول تؤدي إلى زيادة في BMR، وذلك يتطلّب استهلاك سعراتٍ حرارية أكثر للحفاظ على الوزن الحالي.
على سبيل المثال .. شخصٌ يزن 90 كجم وطوله 180 سم سوف يحتاج إلى طاقة أكثر من شخص يزن 60 كجم وطوله 160 سم! حتى لو كانا في نفس العمر والجنس، إذاً هذا الاختلاف في BMR يجب مراعاته عند تصميم خطط غذائية أو برامج تمارين رياضية، لضمان تلبية احتياجات الجسم من الطاقة بشكل مناسب.
4. التركيب الجسدي
التركيب الجسدي له أثر كبير على معدل الأيض الأساسي (BMR)، إنّ الأفراد الذين يمتلكون نسبة أعلى من الكتلة العضلية يتمتعون بمعدلات أيض أساسي أعلى، حيث تستهلك العضلات طاقّةً أكثر من الدهون حتى في حالة الراحة، لذا .. إنّ زيادة الكتلة العضلية من خلال التمارين الرياضية يمكن أن ترفع من BMR وحرق مزيداً من السعرات الحرارية يومياً.
على النقيض تماماً .. الأشخاص الذين لديهم نسبة دهون أعلى وكتلة عضلية أخف يكون لديهم BMR أقل، وذلك يعني أنّ أجسامهم تحرق سعرات حرارية أقل أثناء الراحة، وهذا هو التفسير لمن قد يجد البعض صعوبة في فقدان الوزن، حيث يتطلب الأمر زيادة النشاط البدني وبناء العضلات لرفع معدل الأيض الأساسي وتحسين قدرة الجسم على حرق السعرات الحرارية.
5. الوراثة
لاشكّ أنّ للعوامل الوراثية دوراً مهماً في تحديد معدل الأيض الأساسي (BMR)، قد يرث الأفراد من عائلاتهم معدلات أيض أسرع أو أبطأ، وذلك بالطبع يؤثّر على كيفية حرق الجسم للسعرات الحرارية أثناء الراحة، تشير الدراسات إلى أنّ الجينات قد تساهم بنسبة تتراوح بين 40% إلى 70% في تحديد معدل الأيض الأساسي، وهذا يعني بالتأكيد أنّ بعض الأشخاص قد يكون لديهم ميل وراثي لزيادة أو نقصان الوزن بناءً على BMR الموروث.
أضف إلى ذلك أنّه يمكن أن تؤثّر الاضطرابات الأيضية الموروثة على BMR، حيث تؤدّي بعض الطفرات الجينية إلى تغييرات في كيفية تحويل الجسم للطعام إلى طاقة، والنتيجة هي اضطرابات في الوزن ومستويات الطاقة طبعاً، إنّ فهم التأثير الوراثي على BMR يمكن أن يساعدك في تبّني استراتيجيات مناسبة لإدارة الوزن والصحة العامة.
كيفية حساب إجمالي السعرات الحرارية اليومية (TDEE)
الأمر بسيط جداً لحساب إجمالي السعرات الحرارية اليومية (TDEE)، كلّ ما عليك فعله هو معرفة معدل الأيض الأساسي (BMR) الخاص بك؛ ومن ثمّ ضربه في معامل نشاطك اليومي، هذه الخطوة مهمّة لمعرفة عدد السعرات الحرارية التي تحتاجها يومياً، سواءٌ كنت ترغب في الحفاظ على وزنك الحالي، أو تسعى إلى إنقاصه أو زيادته!
لحساب إجمالي السعرات الحرارية اليومية (TDEE)، يتم ضرب BMR في عامل النشاط البدني لتقدير عدد السعرات الحرارية المستهلكة في اليوم، بما في ذلك النشاط.
مستوى النشاط | الوصف | المعامل |
خامل | بدون تمارين رياضية | 1.2 |
نشاط خفيف | تمارين خفيفة 1-3 أيام أسبوعيًا | 1.375 |
نشاط معتدل | تمارين متوسطة 3-5 أيام أسبوعيًا | 1.55 |
نشاط عالي | تمارين قوية 6-7 أيام أسبوعيًا | 1.725 |
نشاط شديد | تمارين قوية جدًا + عمل جسدي | 1.9 |
مثال لحساب إجمالي السعرات الحرارية اليومية TDEE
إذا كان BMR لشخص 1,500 سعرة حرارية/يوم ومستوى نشاطه معتدل:
إجمالي السعرات الحرارية اليومية =1,500×1.55= 2,325 سعرة حرارية/يوم
أهمية معرفة معدل الأيض الأساسي (BMR)
معرفة معدل الأيض الأساسي (BMR) أمرٌ أساسيٌ لفهم احتياجات الجسم اليومية من السعرات الحرارية، يساعدك هذا الرقم على تحديد كمّية الطاقة التي يحتاجها جسمك للحفاظ على وظائفه الحيوية أثناء الراحة، والأهم أنّه يسهل عليك إدارة الوزن، وتحقيق أهداف اللياقة البدنية التي نطمح لها جميعاً مع تخصيص خطط غذائية مناسبة لاحتياجاتك الفردية .. دعنا نتعرّف أيضاً فيما يلي:
1. إدارة الوزن
من خلال معرفة كمّية الطاقة التي يستهلكها جسمك أثناء الراحة يمكنك تحديد احتياجاتك اليومية من السعرات الحرارية بدقّة تماماً، هذا الوعي يساعدك على ضبط نظامك الغذائي والنشاط البدني لتحقيق أهدافك، سواء كانت فقدان الوزن، أو زيادته، أو الحفاظ عليه.
على سبيل المثال إذا كان BMR الخاص بك 1500 سعرة حرارية، ومع مستوى نشاط معتدل، قد تحتاج إلى حوالي 2000 سعرة حرارية يومياً للحفاظ على وزنك الحالي، مع تقليل استهلاكك اليومي بمقدار 500 سعرة حرارية، يمكنك فقدان حوالي نصف كيلوغرام أسبوعياً .. أليس هذا جميلاً؟!
2. تصميم خطط غذائية
لتصميمٍ خطة غذائية قائمةٍ على أساس علميّ تبدأ من حساب معدل الأيض الأساسي (BMR) بدقة، حيث تُظهر الأبحاث أنّ معرفة احتياجات الجسم للسعرات الأساسية تسمح بتخصيص نظام غذائي يصل إلى هدفك الشخصي، سواء لخسارة الوزن أو بناء العضلات.
على سبيل المثال من خلال حساب معدل الأيض، قد تكتشف أنك تحتاج 1800 سعرة حرارية للبقاء في حالة ثبات وزني، إذاً! لإحداث فقدان وزن تدريجي يجب تقليل 10-15% من هذا الرقم والذي يمكن أن يؤدّي لخسارة دهون بمعدل نصف كيلوغرام أسبوعياً، أيضاً إدراك تأثير التمرينات على معدلك الأساسي يعني أنك تستطيع إضافة أو تقليل عناصر غذائية معينة بمرونة.
3. تحقيق أهداف اللياقة البدنية
تحقيق أهداف اللياقة البدنية من خلال معرفة كمية السعرات الحرارية التي يحرقها الجسم في الراحة، طبعاً يتيح لك هذا الفهم وضع استراتيجية غذائية مدروسة لدعم نمو العضلات أو تحسين التحمل أيضاً .. على سبيل المثال إذا كان هدفك بناء العضلات فإنّ معرفة معدل الأيض يتيح لك إضافة سعرات حرارية إضافية بنسبة تتراوح بين 10-20% لدعم نمو العضلات دون إضافة دهون زائدة!
هذا الأمر مهمٌ للغاية في برامج اللياقة التي تتطلب طاقة عالية، من خلال ضبط تناول البروتين والكربوهيدرات والدهون وفقاً لمعدل الأيض، يمكنك تحقيق كل ما تسعى إليه في حياتك الرياضية، وهذا ما يعتمده الرياضيون المحترفون لدعم قدرتهم على التحمل وزيادة الكتلة العضلية.
كيفية زيادة معدل الأيض الأساسي (BMR)
زيادة معدل الأيض الأساسي (BMR) هدفه الرئيسي تعزيز قدرة الجسم على حرق السعرات الحرارية أثناء الراحة، وله أهداف أخرى تساهم في إدارة الوزن وتحسين الصحة العامّة، وهو ما نطمح إليه تحديداً في حياتنا اليومي، ولكن ذلك لا يكتمل إلى من خلال اتّباع استراتيجيات محدّدة تشمل ما يلي:
1. زيادة الكتلة العضلية
الأنسجة العضلية نشطة أيضياً أكثر من الأنسجة الدهنية، ويعني هذا أنّ زيادة الكتلة العضلية ترفع من معدل الأيض الأساسي، ممارسة تمارين المقاومة مثل رفع الأثقال، تُحفز نمو العضلات وتنمّي حرق السعرات الحرارية حتّى في حالة الراحة، وتشير الدراسات إلى أنّ كل 0.45 كغ من العضلات المكتسبة يمكن أن تزيد من حرق السعرات الحرارية اليومية بحوالي 6-10 سعرات حرارية.
2. تناول البروتين
تناول البروتين بكميات كافية ترفع من عملية التوليد الحراري للطعام (Thermic Effect of Food)، وهي الطّاقة التي يستخدمها الجسم لهضم ومعالجة العناصر الغذائية، البروتين يتطلب طاقّة أكبر للهضم مقارنة بالكربوهيدرات والدهون، وبذلك يزيد من معدل الأيض، البروتين أيضاً يساهم في الحفاظ على الكتلة العضلية، خاصة أثناء فترات فقدان الوزن.
3. البقاء نشيطًا
زيادة النشاط البدني سواءٌ من خلال التمارين المنتظمة أو زيادة الحركة اليومية ترفع طبعاً من معدل الأيض الأساسي، التمارين الهوائية مثل المشي السريع أو ركوب الدراجة تُحسّن من كفاءة الجهاز القلبي الوعائي وتزيد من حرق السعرات الحرارية، وهذا لا يعني أنّ الأنشطة اليومية البسيطة مثل الوقوف بدلاً من الجلوس، أو استخدام السلالم بدلاً من المصعد لا تُساهم في زيادة إجمالي استهلاك الطاقة اليومي؛ بل لها أثرٌ كبيرٌ في رفع معدّل الأيض الأساسي.
4. النوم الكافي
النوم له دورٌ حيويٌّ كبيرٌ في تنظيم عمليات الأيض الأساسي، أمّا قلة النوم فهي تؤثّر سلباً على الهرمونات المسؤولة عن الشهية والجوع، مثل اللبتين والجريلين، وقد يؤدي ذلك إلى زيادة الوزن وتباطؤ معدل الأيض، إذاً .. الحصول على 7-9 ساعات من النوم الجيد ليلاً يُساعدُ بلا شك في الحفاظ على توازن الهرمونات ودعم معدل الأيض الأساسي.